المغرب كسر الهيمنة الأوروبية وحقق حلم أفريقيا بعد قرن من الانتظار
الدكتور الصادق البديري – ساوباولو

رحّب البروفيسور البرازيلي فارس فارس بحماس بالغ بتنظيم المغرب لكأس العالم 2030 ، معتبراً الحدث محطة تاريخية فارقة في مسيرة القارة الأفريقية.
وهذا الحماس مفهوم عندما نضعه في السياق التاريخي الصحيح: منذ انطلاق كأس العالم عام 1930 ، لم تحصل دولة أفريقية على فرصة تنظيم البطولة سوى جنوب أفريقيا عام 2010 .

*** البروفيسور البرازيلي فارس فارس
ولكن حتى تلك التجربة كانت محاطة بجدل حول الظروف الخاصة لجنوب أفريقيا والتأثير المحدود للحدث على بقية القارة.
ويمثل المغرب 2030 “أول مرة تكون دولة أفريقية من ضمن المنظمين” بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، مما يعني أن أفريقيا ستكون في قلب التنظيم وليس مجرد مضيف بمعايير خارجية.
ويأتي هذا التطور – وفقا للبروفيسور ذي الأصول اللبنانية- بعد محاولات مغربية متكررة للحصول على حق التنظيم خلال العقود الماضية ، مما يجعل النجاح أكثر حلاوة ومعنى .
ودفع هذا الإنجاز البروفيسور لتوجيه انتقادات حادة للنظرة الاستعلائية الغربية التي تهيمن على التفكير العالمي.
وقال “للأسف كثير من الناس يرون أوروبا أنها غنية ولا يعرفون أن أوروبا سرقت أفريقيا ، أفريقيا هي الغنية وأوروبا هي الفقيرة ، لكن بالسلاح سرقوا ونهبوا ثروات أفريقيا” …
ويتماشى هذا التحليل يتماشى مع النظريات الأكاديمية الحديثة حول “التبعية الاقتصادية” و”النهب الاستعماري”.
حيث تقدر دراسات اقتصادية حديثة أن أوروبا استخرجت من أفريقيا ما قيمته 152 تريليون دولار (بالقيمة الحالية) خلال الفترة الاستعمارية ، ويفسر هذا الرقم الفلكي التناقض الصارخ بين الثروات الطبيعية الهائلة لأفريقيا والفقر الذي تعاني منه شعوبها.
وفي ربطه بين الماضي والحاضر، أكد البروفيسور أن هذا النهب الاستعماري لم يتوقف، مشيراً إلى أن “اليوم يسرقون ثروات المسلمين في الدول العربية للأسف الشديد، فيظنون أن أوروبا غنية، ولكن الذي يتعلم ويعرف، يعرف أن أفريقيا هي غنية ولكن بسبب الحروب والضغط السياسي يسرقونها”.
ويشير هذا التحليل إلى ما يُسمى “الاستعمار الجديد” (Neocolonialism)، حيث تستمر القوى الغربية في استغلال الموارد الأفريقية والعربية من خلال آليات أكثر تطوراً : الديون الخارجية ، والاتفاقيات التجارية غير المتكافئة ، والتدخل العسكري المبطّن بذرائع إنسانية ، ودعم الأنظمة المحلية المتعاونة .
ففي حالة فرنسا مثلاً تستمر في السيطرة على اقتصاديات 14 دولة أفريقية من خلال “الفرنك الأفريقي” المربوط بالعملة الفرنسية ، مما يضمن تدفق الموارد الأفريقية إلى فرنسا بأسعار مدعومة ، هذا النظام يُقدر أنه يوفر لفرنسا حوالي 440 مليار دولار سنوياً .
وتعزّز هذا الفخر الأفريقي بالإشادة بإنجاز المنتخب المغربي في قطر 2022 ، حيث حصل على المركز الثالث في إنجاز وصفه البروفيسور بالتاريخي للقارة الأفريقية …
وهذا الإنجاز الرياضي له أبعاد نفسية واجتماعية تتجاوز كرة القدم. فلأول مرة في التاريخ ، وصل منتخب أفريقي وعربي إلى نصف نهائي كأس العالم، مما كسر حاجزاً نفسياً مهماً أمام القارتين .
ويأتي هذا الإنجاز الرياضي كمقدمة طبيعية للإنجاز التنظيمي المرتقب في 2030 ، مما يؤكد قدرة الدول الأفريقية على المنافسة عالمياً في جميع المجالات … النجاح المغربي يرسل رسالة واضحة: أفريقيا لا تحتاج للوصاية الغربية لتحقيق الإنجازات ، بل تحتاج فقط للفرصة العادلة والدعم المناسب …