من وحي الحدث … الاعتماد على تفاهة المؤثرين … ؟ !!!
من وحي الحدث
الاعتماد على تفاهة المؤثرين … ؟ !!!
محمد الروحلي / عن بيان اليوم
في سياق الاستعدادات التي يخوضها المغرب لتنظيم تظاهرات رياضية كبرى، مثل كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، استدعي عدد من المؤثرين، لزيارة الملاعب والمنشآت الجديدة، في حملة ترويجية تهدف إلى تسليط الضوء على جاهزية البنية التحتية الرياضية بالمدن المغربية، عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وبحسب عدد من المصادر، فإن تكلفة هذه المبادرة، بلغت ما يقارب ملياري سنتيم من المال العام.
من حيث المبدأ، تبدو الفكرة منسجمة مع روح العصر، حيث بات للتأثير الرقمي دور في تشكيل الرأي العام، خصوصا بين الأجيال الجديدة. لكن السؤال الجوهري يظل مطروحا: هل الشعبية وحدها تكفي حين يتعلق الأمر بصورة بلد؟
الواقع أن بعض المؤثرين ممن شملتهم هذه الدعوة السخية، لا يملكون رصيدا مهنيا أو محتوى نوعيا ذا قيمة، وجل ما يقدمونه لا يتجاوز صورا سطحية، ومقاطع قصيرة يغلب عليها التهريج والاستعراض، دون مضمون تحليلي أو طرح جاد. والأسوأ أن جمهورهم في الغالب، يتكون من شرائح تستهلك المحتوى الترفيهي السريع، ولا تأثير لها في الرأي العام الرياضي، ولا في الأوساط الإعلامية الدولية، التي يفترض أن تكون هي الهدف الحقيقي لمثل هذه المبادرات.
فالمشكلة، إذن، ليست في إشراك المؤثرين، بل في تحويلهم إلى واجهة أساسية، مقابل تهميش أطراف أكثر مصداقية وتأثيرا.
فمشاريع وطنية بهذا الحجم، وبهذه القيمة الدولية والاستثنائية، تتطلب ترويجا يستند إلى المهنية والخبرة، من خلال أسماء رياضية دولية معروفة، وصحفيين متخصصين، وشخصيات وازنة من عالم المال والاستثمار والتسويق الرياضي، بالإضافة إلى الاعتماد على الصحافة الوطنية، واستحضار ما راكمت من رصيد مهني حقيقي، وما واكبت من تظاهرات عالمية، بكفاءة مشهودة.
فالنجاح في الترويج لا يقاس بعدد المشاهدات فقط، بل بمدى التأثير الفعلي في المتلقي المستهدف: المستثمر، الصحفي الدولي، المسؤول الكروي، وصانع القرار الرياضي في الاتحادات والهيئات العالمية.
فالتجارب الدولية القريبة منا، تؤكد ذلك، كقطر مثلا، خلال تنظيمها لكأس العالم 2022، وظفت مؤثرين ضمن استراتيجية شاملة، لكن الواجهة كانت من نصيب الإعلاميين الدوليين، ونجوم الكرة العالميين، والخبراء في التسويق الرياضي.
كما أن الإمارات اعتمدت أيضا في مناسبات كثيرة على هذا التوازن، ونجحت في تسويق صورتها كمركز رياضي وسياحي من المستوى العالي.
في النهاية، لا أحد يعارض الانفتاح على أدوات العصر، لكن لا يمكن لمحتوى سطحي وخفيف، يستهدف شرائح معينة، أن يحمل طموح دولة. إذ لا يكفي أن تمتلك كاميرا وهاتفا، والتسلح بجرأة من نوع خاص، بل لا بد من مضمون، ورؤية، ورسالة تحترم ذكاء المتلقي، وتليق بحجم الرهان الوطني، ومكانة المغرب المحترمة، ومصداقيته على صعيد الخريطة الرياضية العالمية…