:“جمعية أندلسي فلوريدا”.. جسرٌ فنيّ يحفظ الذاكرة المغربية في المهجر

بقلم: عبد الهادي الناجي
في قلب ولاية فلوريدا الأمريكية، وعلى بعد آلاف الكيلومترات من الوطن، تصرّ الجالية المغربية على أن تظلّ مرتبطةً بجذورها، متشبثةً بتراثها الأصيل، ومحتفيةً بتاريخها ومناسباتها الوطنية. ومن بين الواجهات الثقافية البارزة التي نجحت في ترسيخ هذا الحضور المغربي المشرق، تبرز “جمعية أندلسي فلوريدا”، وهي فرقة للطرب الأندلسي المغربي تضم نخبة من الفنانين والمبدعين من أبناء الجالية، يشرف عليها الفنان محمد الإدريسي منصوري، رئيس الجمعية ووجهها الفني اللامع.
طرب أندلسي مغربي في قلب أمريكا
الجمعية ليست مجرد “فرقة موسيقية”، بل هي مشروع ثقافي متكامل يعكس قدرة المغاربة في الخارج على حمل تراثهم أينما حلّوا. فبقيادة محمد الإدريسي منصوري، استطاعت الفرقة أن تقدم لوحات فنية رفيعة المستوى تجمع بين الطرب الأندلسي، العيساوي، الملحون، والكناوي، لتعيد إلى الذاكرة جمال المدرسة الأندلسية المغربية وعمقها التاريخي.
يقول رئيس الجمعية محمد الإدريسي منصوري:
“مشروعنا ليس ترفيهًا بقدر ما هو رسالة ثقافية. نحن نعتبر أنفسنا امتدادًا لمدارس الفن الأندلسي بالمغرب، وننقل هذا التراث بروحه وأصالته إلى أبناء جاليتنا بالمهجر.”
احتفال بذكرى المسيرة الخضراء في أجواء وطنية خاصة
وفي كل سنة، تتحول فلوريدا إلى مساحة صغيرة من الوطن، حين تحتفي الجمعية بذكرى المسيرة الخضراء. حفلات تُنظّم غالبًا في فنادق فاخرة مثل هيلتون أورلاندو، وتجمع أبناء الجالية المغربية، كبارًا وصغارًا، في أجواء تمزج بين الاعتزاز بالوطن والوفاء للتراث.
وتعليقًا على هذه المناسبة يقول منصوري:
“الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء بالنسبة لنا واجب وطني قبل أن يكون نشاطًا فنيًا. نريد لأبنائنا أن يعرفوا قيمة هذه الملحمة، وأن يعيشوا أجواءها حتى وهم بعيدون عن المغرب.”
مشروع ثقافي يربط الأجيال
تسعى جمعية أندلسي فلوريدا إلى ما هو أبعد من الفن؛ فهي تعمل — تحت قيادة محمد الإدريسي منصوري — على تعزيز الانتماء لدى أبناء الجيل الثاني والثالث، وتعريفهم بجمالية الموسيقى المغربية المتجذرة في تاريخ الأندلس، وغرس قيم الوطنية والاعتزاز بالهوية المغربية.
ويؤكد رئيس الجمعية:
“من أهم أهدافنا أن يتربى جيل الأبناء هنا في أمريكا على حبّ الموسيقى الراقية، وعلى احترام الهوية المغربية. الفنّ في نظرنا مدرسة للانتماء، وطريقة للحفاظ على الذاكرة حيّة.”
رسالة مضيئة من الجالية إلى الوطن
في الوقت الذي يواجه فيه التراث المغربي تحديات العولمة وانتشار الثقافات السريعة، تأتي تجربة هذه الجمعية في المهجر لتؤكد أن الفن الأصيل لا يموت. بل يزداد إشعاعًا حين يُحمله أبناء الوطن إلى العالم، بصدق وإبداع ومسؤولية.
وهكذا، تبقى جمعية أندلسي فلوريدا مثالًا حيًا لكيف يمكن للمغاربة في الخارج أن يكونوا سفراء حقيقيين للثقافة المغربية، وأن يُحوّلوا حب الوطن إلى مشروع فني مستدام، ينبض بأنغام الأندلس، ويحتفي بالذاكرة الوطنية، ويُبقي المغرب حاضرًا في القلوب مهما طال السفر.
https://www.facebook.com/share/v/1CHbACdGNd/?mibextid=wwXIfr