فضيحة المراهنات في تركيا … عندما يسقط التحكيم وتفقد الرياضة براءتها

بقلم: عبد الهادي الناجي
تعيش كرة القدم التركية على وقع زلزالٍ حقيقي ، بعدما تحوّلت فضيحة المراهنات إلى قضية دولة بكل المقاييس. فالاتحاد التركي لكرة القدم أعلن مساء الإثنين عن استدعاء 1.024 لاعباً للمثول أمام لجنة الانضباط، بعد اتهامهم بالمشاركة في رهانات غير قانونية على مباريات البطولة، في خرقٍ صريحٍ للقوانين التي تمنع اللاعبين من الانخراط في أي نشاطٍ مرتبط بالمراهنة.
لكنّ الأمر لم يتوقف عند اللاعبين فحسب، بل وصل إلى صُلب المنظومة التحكيمية. إذ أصدر قاضٍ في إسطنبول قراراً بإيداع ستة حكّام رهن الاعتقال الاحتياطي، بعدما وُجّهت إليهم تهم تتعلق بالمشاركة في شبكة مراهنات واسعة النطاق، وسط شبهاتٍ بوجود مباريات تمّ التلاعب بنتائجها.
كما طالت التحقيقات رئيس نادي “إيوب سبور” الناشط في الدرجة الأولى، والذي أمرت المحكمة باعتقاله أيضاً في إطار نفس الملف.
وفي المقابل، تمّ الإفراج عن أحد عشر حكماً آخرين كانوا رهن الحراسة النظرية منذ الجمعة، لكن مع وضعهم تحت المراقبة القضائية، ريثما تُستكمل التحقيقات الجارية.
وحسب المعطيات الرسمية، فإن الحكّام الستة المعتقلين ينتمون إلى فئة الحكّام المساعدين في الدرجتين الثالثة والرابعة، ما يعكس حجم انتشار هذه الظاهرة في مختلف مستويات كرة القدم التركية.
إنها ليست مجرّد فضيحة رياضية عابرة، بل صفعة موجعة لمصداقية اللعبة الشعبية الأولى في بلدٍ يعشق الكرة بجنون، ويُسخّر لها إمكانيات كبيرة. عندما يدخل المال الأسود إلى المستطيل الأخضر، تذوب القيم، وتفقد الرياضة معناها، ويصبح الجمهور ضحية الخداع والفساد.
ما يحدث في تركيا اليوم هو تحذيرٌ صريح لكل الاتحادات والروابط الكروية في العالم :
حين تتساهل المنظومات الرياضية مع المراهنة والتلاعب، فإنها تفتح الباب لانهيار الثقة، وتحوّل اللعبة الجميلة إلى سوقٍ قذرة.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه:
هل ستتحرك باقي الدول لتشديد الرقابة على نزاهة المسابقات قبل أن تستفيق هي الأخرى على فضيحة مماثلة … ؟