الركراكي أمام لحظة لا تقبل التأجيل … !

بقلم عبد الهادي الناجي
في ندوة صحفية سبقت مباراة الافتتاح أمام منتخب جزر القمر ، لم يكن وليد الركراكي في حاجة إلى رفع الصوت أو اللعب على وتر العاطفة … كان هادئا … واضحا … ومدركا أن ما ينتظر المنتخب الوطني داخل المغرب لا يشبه أي مشاركة سابقة … هنا الطموح يتحول إلى التزام ، واللعب يتحول إلى امتحان أمام شعب لا يقبل إلا بالذهاب بعيدا .
حديث الركراكي عن الاستعداد لعامين كاملين لم يكن تذكيرا بالماضي ، بل تثبيتا لفكرة أساسية مفادها أن كأس إفريقيا بالمغرب ليست وليدة الصدفة . إنها مشروع بدأ بعد كوت ديفوار ، ويصل اليوم إلى لحظة الحقيقة . لذلك ، لم يبحث المدرب عن أعذار ، ولم يترك مساحة للغموض . الهدف معلن ، والفكرة بسيطة ربح الكأس داخل الدار .
مباراة الافتتاح ضد جزر القمر ليست مباراة عادية ، والركراكي يعرف ذلك جيدا . إنها لحظة نفسية قبل أن تكون تكتيكية . الفوز فيها لا يمنح فقط ثلاث نقاط ، بل يحرر اللاعبين من ضغط البداية ، ويرسم ملامح المسار . ولهذا بدا المدرب واثقا ، لأن من يعرف طريقه لا يخشى أول خطوة .
رسائل الطمأنة التي وجهها للجماهير لم تكن للاستهلاك ، بل محاولة ذكية لضبط منسوب الانتظار . الركراكي لا يطلب من الجمهور أن يخفف الضغط ، بل يدعوه إلى أن يكون شريكا إيجابيا في المسار . الدعم حين يتحول إلى عبء ، قد يربك حتى أكثر الفرق جاهزية .
أما الصورة داخل قاعة الندوة ، بحضور إعلامي دولي مكثف ، فهي في حد ذاتها شهادة على التحول الذي عرفته الكرة المغربية . لم نعد نتحدث عن منتخب يبحث عن الاحترام ، بل عن منتخب صار تحت المجهر الإفريقي والدولي . وهذا التحول يفرض خطابا مختلفا ، ونضجا أكبر في التعامل مع التفاصيل .
في النهاية ، هدوء وليد الركراكي ليس تفصيلا عابرا ، بل جزء من فلسفة كاملة . فلسفة مدرب يعرف أن البطولات لا تربح بالضجيج ، بل بالعمل ، وبالوضوح ، وبالقدرة على تحمل ثقل الحلم حين يصبح الحلم مطلبا جماعيا .