عندما ينزلق الصوت من الوصف إلى التحريض … !

* عبد الهادي الناجي
التعليق الرياضي ليس كلاما يرافق الصورة ، بل ممارسة مهنية لها ضوابط وأخلاقيات ، ومسؤولية مضاعفة لأن المعلق يخاطب الملايين ، لا جمهورا بعينه. من هذا المنطلق ، فإن ما صدر أخيرا عن المعلق حفيظ دراجي ، سواء في تدوينته أو أثناء التعليق ، يخرج عن هذا الإطار ، ويدخل منطقة ملتبسة تختلط فيها القراءة الرياضية بالحكم المسبق.
التركيز المفرط على الحضور الجماهيري لم يعد ملاحظة عابرة ، بل تحوّل إلى محور الخطاب ، وكأن قيمة المباريات تقاس بالمدرجات لا بما يقدم فوق أرضية الملعب. هذا الانزياح يفرغ التعليق من جوهره ، ويحوّله إلى تكرار لفكرة جاهزة مهما تغيّرت الوقائع.
المنطق الرياضي بسيط
مباريات تجمع منتخبات بلا امتداد جماهيري محلي ، من الطبيعي أن تُلعب أمام مدرجات غير مكتملة … هذا واقع عرفته كل البطولات ، ولم يكن يوما معيارا للحكم على النجاح أو الفشل … لكن الانتقائية تظهر حين نستحضر محطات سابقة عُرفت بمدرجات شبه فارغة ، دون أن تثير أي ضجيج. الصمت آنذاك كان اختيارا ، أما اليوم فالضجيج مقصود.
وحين أربكت الأرقام الخطاب ، جرى الالتفاف عليها. وحين صمدت أرضية الملاعب ، لم يتغير شيء. الواقع لا يهم ، المهم هو الإصرار.
المبدأ واضح
إما معيار واحد في التقييم
أو تعليق خارج عن جوهر الرياضة.
عندما يفقد المعلق المسافة بين الرأي والمهنة ، يتحول الميكروفون من أداة وصف إلى أداة توجيه. والرياضة لا تحتاج إلى من يشحن ، بل إلى من يشرح ويحلل ، لا من يصفي حسابات سياسية انهزم فيها نظامه قبل أن تُهزم أي كرة فوق الملعب …